تسجيل حساب جديد

تسجيل الدخول

نسيت كلمة المرور

نسيت كلمة المرور؟ يرجى إدخال بريدك الإلكتروني. سنرسل رابط لإعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك


أضف سؤال جديد

يجب عليك تسجيل الدخول لإرسال سؤالك

من هم أهل السنة والجماعة

كثيرًا ما نستخدم مصطلح أهل السنة والجماعة، ونقول: هذا يتماشى مع منهج أهل السنة والجماعة، أو هذا مخالف لأهل السنة والجماعة. ولكن من هم أهل السنة والجماعة؟ وما هو منهجهم؟ خاصةً في ظل التباين الكبير بين الناس في الفترة الأخيرة، وكما قال الشاعر: “وكل يدعي وصلاً بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاك”.

هذا المصطلح يتألف من كلمتين: “السنة” و”الجماعة”. إذن، هناك ركنان أساسيان في هذه المسألة. الركن الأول هو السنة، وهو اتباع سنة ونهج النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو الذي سن لنا هذا الطريق وأوصانا باتباعه. إذن، لا بد من التمسك بالسنة.

الركن الثاني هو الجماعة. فما هي الجماعة؟ الأحاديث النبوية الشريفة تناولت هذا الموضوع بكثرة، وجعلت الشريعة الجماعة حجة. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الالتزام بالسواد الأعظم في أحاديث كثيرة.

إذن، لا بد من اتباع السنة، أي منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد من اعتماد الجماعة. فسنة النبي صلى الله عليه وسلم واضحة، لا خلاف في فهمها ولا في ثبوتها، وقد عرفها الصحابة، سمعوها، وشاهدوها، وعاصروها، وكانت جماعتهم واحدة، فلم يُسمع عن تفرق في العصر الأول. وقد أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مناهج الاستنباط.

بعد ذلك، وقعت الفتنة وحدث الاقتتال، حيث اجتهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أصاب فله أجران، ومنهم من أخطأ فله أجر واحد. ومع ذلك، في عصر الصحابة لم يكن لدينا مشكلة كبيرة حتى مع من اقتتل منهم، لأنهم جميعًا كانوا عدولًا وأبرارًا، سواء أصابوا في اجتهادهم أو أخطأوا. لكن المشكلة بدأت في الجيل الثاني والجيل الثالث، حيث أتى أتباع لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تتزكَّ نفوسهم برؤية الوجه الطاهر الأزهر عليه الصلاة والسلام.

في هذه الفترة، بدأ الخلل يظهر في النقل والفهم، فنشأت علوم جديدة تهتم بالبحث في ثبوت الحديث وفهمه. القرآن الكريم كان واضحًا، لكن مسألة فهمه كانت تحتاج إلى توجيه. مع مرور الوقت، بدأ التفرق، فالجماعة العظمى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم من الناس الذين بقوا على نهجهم عُرفوا باسم الجماعة أو أهل السنة والجماعة.

ومن ناحية أخرى، ظهر فريق انحاز إلى سيدنا علي رضي الله عنه، وعُرفوا بالشيعة، وبدأوا يسلكون طريقًا يبتعد شيئًا فشيئًا عن الجماعة. في البداية، كانت الفروق بسيطة، ولكن كلما تقدم الزمان ازداد الانحراف، لأن الانحراف الطفيف عن الطريق في البداية يؤدي إلى ابتعاد كبير بمرور الوقت. وظهر طرف آخر كفّر المسلمين وحمل السلاح، وعُرفوا بالخوارج.

أما الخط العام الذي بقي مستقيمًا، دون انحراف إلى اليمين أو اليسار، فعُرف باسم أهل السنة والجماعة. فهم يعتمدون على القرآن الكريم وما ثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ويفسرونه بناءً على أسلوب العرب في الخطاب وعلى مناهج الاستنباط التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم.

شعب الدين الرئيسية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول يتعلق بالعقائد والمعرفة، ويتناول أمورًا مثل الإيمان بالخالق، وصفات الخالق، وما أخبر به من الغيبيات، والرسل وصفاتهم وأحوالهم. هذا القسم عُرف باسم “الإيمان”، كما ورد في حديث جبريل المشهور، وأصبح العلم الذي يعنى بدراسته لاحقًا يُعرف بعلم “الكلام” أو “العقيدة”.

الثاني يتناول الأحكام العملية التي تنظم حياة المسلم اليومية، من صلاة وصيام وزكاة وحج، وما يجب على المسلم فعله في بدنه وماله. هذا القسم يُعرف باسم “الإسلام” أو “الأحكام العملية”، والعلم الذي تطور لدراسته أصبح يُعرف بـاسم “علم الفقه”.

الثالث يركز على التزكية والتربية الأخلاقية والسعي للوصول إلى مقام الإحسان الذي ورد في حديث جبريل. هذا القسم عُرف لاحقًا باسم “التزكية” أو “الزهد” أو “السلوك”، واستقر أخيرًا تحت مسمى “علم التصوف”.

إذن، مدى التزام الإنسان بنهج الصحابة والتابعين ومن تبعهم، وعدم الخروج عن الجماعة، هو الذي يحدد ما إذا كان من أهل السنة والجماعة أم لا. في مدرسة الإسلام، تلخص فقه الصحابة والتابعين ومن تبعهم، الذي عليه غالبية المسلمين، في أربعة مذاهب عُرفت لاحقًا بالمذاهب الأربعة: مذهب الإمام أبو حنيفة في العراق، مذهب الإمام مالك بن أنس في المدينة المنورة، مذهب الإمام الشافعي الذي تنقل بين عدة بلدان واستقر أخيرًا في مصر حيث دٌفن، ومذهب الإمام أحمد بن حنبل في العراق.

هذه المذاهب الأربعة هي التي تدرس فقه المسلمين، ولكن هل توجد مذاهب أخرى؟ نعم، توجد، ولكنها لا تمتلك القوة، ولا البريق، ولا الامتداد الحضاري الذي استمر عبر الأجيال. هذه المذاهب الأربعة قد أرست أسسًا راسخة، وانتقلت من جيل إلى جيل من خلال التدوين والتحقيق والدراسة.

أما فيما يتعلق بالإيمان، فقد تعرضت الأمة لفتن عديدة بدأت مع ظهور الشيعة والخوارج. ثم جاءت فترة ترجمة الكتب، وبرز المعتزلة، وهم من أهل الإسلام ومن أهل العقليات، للدفاع عن الدين ضد الفلاسفة والملحدين والطاعنين. ورغم أنهم نصروا الدين بعد ترجمة الكتب، إلا أنهم تأثروا ببعض الأفكار التي كانوا يناقشونها، وبدأوا يبتعدون عن منهج السواد الأعظم.

فهيأ الله تعالى للإسلام إمامين عظيمين: الأول في بلاد ما وراء النهر، وهو أبو منصور الماتريدي، والثاني في المنطقة العربية، وهو أبو الحسن الأشعري. عٌرف الأشعري باسم بإمام أهل الحق، والماتريدي بإمام الهدى، واتفقت غالبية الأمة على هاتين المدرستين. بالإضافة إلى فريق من الحنابلة الذين لم يتأثروا بالتجسيم أو غيره، كانوا مقاربين لهاتين المدرستين.

فيما يتعلق بالمنهج الإحساني، الذي يهتم بالتربية والأخلاق والتزكية، ظهرت مدارس عديدة، ولكن المدرسة النقية التي استقرت كانت مدرسة الإمام الجنيد.

إذاً تلخصت مذاهب أهل السنة والجماعة ومدارسهم الفكرية في هذه الشعب الثلاثة، فحتى يكون الإنسان من أهل السنة والجماعة لا بد أن يكون في أعماله يتبع واحد من المذاهب الأربعة، وفي إيمانه بالله تعالى يتبع منهج السلف، ممثلًا في الأشعري والماتريدي. كذلك في مقام الإحسان لا بد أن يسير على هذا النهج، ولو اعتقادًا، لابد أن يعلم أن هذا هو المنهج الصحيح بحيث لو أخطأ يعود إليه.

لكن، لماذا هذه هي مدارس أهل السنة والجماعة؟ وما الذي يميز هؤلاء العلماء عن غيرهم؟ ولماذا قُبلت مدارسهم ورفضت سواها؟

أولاً، نلاحظ أن اسم “الجماعة” متحقق فيهم، فكل من يدعي أنه من أهل السنة والجماعة يجب أن يُثبت وجود الجماعة التي يتبعها. وإذا كان هناك من يقول بأن الأشاعرة والماتريدية ليسوا من أهل السنة والجماعة، نسأله: أين جماعتك؟ هل هم عوام أم علماء؟ وما هي مصادرهم؟

ثانيًا: الإسناد، عندما يقول أحدهم إن الأشاعرة والماتريدية ليسوا من أهل السنة والجماعة، نسأله: كيف تصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام؟ أرنا إسنادك الذي يصل من عندك إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يمر عبر أشاعرة أو ماتريدية أو علماء من المدارس الأربعة (الحنفية، الشافعية، المالكية، الحنابلة).

في القراءات، لا يمكن لأي قارئ أن يصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام إلا من خلال إسناد أهل السنة والجماعة، مثل ابن الجزري أو الشيخ علي الضباع أو شيخ الإسلام زكريا الأنصاري. وكذلك في علم الحديث، لا يمكن لأحد أن يفهم صحيح البخاري إلا من خلال شروح علماء أهل السنة والجماعة مثل ابن حجر (الأشعري) أو العيني (الماتريدي).

إذن السواد الأعظم من أمة الإسلام اتبعت السنة على فهم الجماعة العظمى، لذلك عندما يقول أحدهم أن هؤلاء ليسوا من أهل السنة والجماعة، نقول له: أرنا البديل. وإذا ذكر ابن تيمية، نسأله: ما إسناد ابن تيمية إلى الصحابة أولًا؟ وما هو إسنادك أنت إلى ابن تيمية؟ هل تستطيع أن تجده؟ لا يمكن له ذلك.

ختامًا، ما هي سمات هذه المدرسة؟

تتميز بصفة واضحة وهي الوسطية. كما قال الله تعالى: “وكذلك جعلناكم أمة وسطًا”، فهم يمثلون السواد الأعظم للإسلام. لذلك، لن تجد متطرفًا من بين هؤلاء الناس.

كما يتميزون بالتوازن في التعامل مع الأدلة. فبينما توجد جماعات من المسلمين تقلل من أهمية الدليل العقلي، وأخرى تفرط في استخدامه، فإن أهل السنة والجماعة يقفون في الوسط. يقولون إن هناك مسائل عقلية وأخرى سمعية، فالعقل يستخدم لإثبات قضايا مثل وجود الله وصدق النبي صلى الله عليه وسلم.

أما قضايا أخرى مثل الجنة والنار واليوم الآخر وعذاب القبر فهي من السمعيات، ويجب أن نستند فيها إلى ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم. إذن، أهل السنة والجماعة وضعوا كل دليل في مكانه المناسب، فلم يفرطوا في العقليات ولم يفرطوا في السمعيات.